Monday, July 12, 2010

لغة الكائن الحي

الإنسان قال تعال (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (البقرة:31) ترى لو لم يلهم الله الأحياء بأن يتخاطبوا، وأن يلهم كل صنف لغة يتفاهمون، بها كيف تكون الحياة.. ؟ لغة الإنسان، عبارة عن ألفاظ وجمل ينادي بها على الأسماء ويشرح بها الأفعال، وأصوات تعبر عن الاستحسان والاستهجان، قهقهة للفرح، وآهة للألم والحزن وأنين ونداء للاستغاثة، وبهذه أصبح الإنسان يستطيع أن يطلب الغذاء إذا جاع، وأن يستغيث إذا ألم به مكروه... وتمكن من أن يتفاهم مع غيره بما حفظ عليه حياته... ومن أعجب ما يسرت به الحياة على الأحياء.. تفاهم الذين أصابهم العي في ألسنتهم، أو حرموا الكلام أصلا.. فهم يتفاهمون بإشارات أسرع من الألفاظ، وإذا تخاطب اثنان منهم قل من يستطيع أن يتسامعهما، بل لا يمكن لغيرهما أن يفهم كلامهما السريع الطويل.. ولم يتعلموا هذه اللغة إطلاقاً..إنما يسرت لهم كما يسرت لغيرهم الكلام من لدن حكيم خبير. الحـيـــوان : قال تعالى : (حَتَّى إِذَا أَتَوْا عَلَى وَادِ النَّمْلِ قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ سُلَيْمَانُ وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (النمل:18) أثبت العلم أن للحيوان لغته الخاصة، فلكل نوع من أنواع الحيوانات لغة خاصة به، يتفاهم بها، ويتعارف مع غيره على أحوال ما حوله.. فهذه هي الدجاجة التي تصدر أصواتاً مميزة، فنرى صغارها أقبلت في سرعة تلتقط معها الحب.. وتصدر أصواتاً مخافة، فإذا بالصغار تهرول إلى العش في لحظة. ويقول " ألن ديفو "أحد علماء الحيوان أنه وقف يوماً يراقب ثلاثة من صغار الثعلب تلعب حول أمها، وإذا بصغير منها يدخل في الغابة، ويبتعد عنها بعدا بحيث غاب عن النظر، فاستوت الأم قائمة ومدت أنفها إلى الناحية التي ذهب منها،، وبقيت على حالها هذه برهة عاد بعدها الصغير في اتجاه أمه لا يلتفت يمنة أو يسرة، كأنما كانت تجذبه بخيط لا تراه العين. ومن الدراسات المماثلة أمكن لعلماء الحيوان تعلم لغة الحيوانات. و النحلة إذا عثرت على حقل مزهر عادت إلى الخلية وما إن تتوسطها حتى ترقص رقصاً خاصاً، فإذا بالنحل يندفع إليها، ويسير خلفها إلى حيث تهديه النحلة إلى الزهور. و يقول اللورد" أفبري " أنه طالما أراد أن يمتحن عقل النمل، والوقوف على طريقة التفاهم بين أفراد، فمما فعله في هذا السبيل، أنه وجد يوماً نملة خارجة وحدها من جحرها، فأخذ ذبابة ولصقها على فلينة بدبوس، وألقاها في طريق النملة، فما أن عثرت عليها، حتى أخذت تعالجها بفمها وأرجلها مدة تزيد على العشرين دقيقة، تيقنت بعدها، فعادت أدراجها إلى جحرها، وبعد ثوان معدودة، خرجت النملة تتقدم نحوها و معها اثنتي عشرة نملة من أخواتها، انتهت بها إلى الذبابة ثم وقع عليها النمل، يمزقها تمزيقاً، وعاد النمل إلى جحره وكل منها تحمل جزءاً من الذبابة.. فالنملة الأولى قد رجعت إلى زميلتها ولم يكن معها شيء قط.. فكيف تم لها أن تخبر باقي النمل بأنها وجدت طعاماً سائغاً، وفريسة شهية ما لم يكن تم ذل بلغة خاصة...!!! و يتكلم نمل الشجر في المناطق الاستوائية بلغة عجيبة، إذ يصعد إلى الشجرة ويدق دقات غير منتظمة، تقارب إشارات مورس التلغرافية، ويبلغ من قوتها أن تسمع من بعيد....!! وما صرير صرصار الغيط، الذي كثيراً ما يسمع في الليل الدافئة في الحدائق والمزارع، إلا دعوة منه لأنثاه إذا بعدت عنه. وكذلك نقيق الضفادع الذي لا يحدث إلا ليلاً. و قد لوحظ أن أسراب الفيلة، لا تكف لحظة عن غمغمة، طالما هي تسير في رهط، فإذا تفرقت الجماعة، وسار كل فيل على حدة انقطع الصوت تماماً.. ومن أعجب ما يؤيد لغة الفيلة، تلك الأصوات المزعجة التي تلاحظ عندما تجتمع الفيلة المحكوم عليها لتعيش وحيدة... فقد حكمت عليه الفيلة بالعزلة والوحدة...!!! و أصوات الغراب مميزة تميزاً واضحاً.. فنعيبه أكبر على الخطر. وهو يصدره ليحذر به أبناء جنسه، بينما يصدر في مرحه ولعبه أصواتاً أخرى تقرب من القهقهة و مما يثبت تفاهم جماعات الغربان ما تأتيه في حياتها من أمور تكاد تكون عجيبة، إذ المتداول أن الغراب من الطيور الحقيرة التي يمر عليها الإنسان دون انتباه، ويقول " اكلاند " إن الغراب يفوق الطيور الأخرى منه حجماً،و الأقوى منه، بسبب مكره الممتاز، وبالرغم من أن الغراب لص، وفيه عيوب أخرى من سفاهة ودناءة وخسة،فهو طائر مسل عندما تراقبه.. راقب جماعة من الغربان وقت نومها، تجد أنه بعد محادثة طويلة ذات ضوضاء مع جيرانها، وانتقالها من مكان إلى آخر، يستقر العجوز على فرع شجرة، ويبدأ في التأهب للنوم مبكراً، وما يكاد يفعل حتى تأتي بعض الغربان الأشقياء، تدور حوله مرة أو مرتين، ثم تحط بجواره حتى يوشك أن يفقد توازنه أو تصطدم به عمداً لزحزحته من مكانه... فيعلوا صراخه لانتهاك حرمته، وإقلاق راحته، بصوت مميز. وتتكرر هذه المحاولات وتصيح صغار الغربان بأصوات ضاحكة تعلن عن فرحها.. وليس هناك أدنى شك في أن الغربان مغرمة بالهزل، وتنظم الألعاب لنفسها. فقد قرر العلماء أنها تلعب المساكة والاستغماء...!! و مما لوحظ في دراسة حياة الغربان أنها تحب كل الأشياء التي تبرق في الشمس. ولكل غراب مخزنه السري الخاص به الذي قد يكون ثغرة في شجرة، أو تحت سقف برج قديم، أو خلف حجر في كوبري، وقد وجد أن بأحد المخازن التي أمكن اكتشافها، من دراسي حياة الغربان قطعة من مرآة مكسورة ويد فنجان، وقطعة من صفيح وأخرى من معدن، وأشياء تافهة متنوعة كلها تتفق في أنها تتألق في الشمس. و يفهم الحيوان لغة الإنسان ويستجيب لها، كما يدعو الإنسان الدجاج إلى الغذاء بصوت معروف، ويدعوا الإوز والبط بصوت مغاير ويدعو الدواب إلى الشراب بالصفير كما يستطيع الأولاد في الريف عند صيد السمك من جذبه قريباً منهم بأصوات خاصة. وكلنا نعلم أن الكلب في المنزل أن الكلب في المنزل يعرف بل ينفذ أوامر سيده، وفي أمريكا رجل أسمه "جاك ماينز " تخصص في دراسة الإوز البري، وبلغ من علمه بلغتها، أنه يستطيع أن يدعو سرباً طائراً إلى النزول، حيث يختفي وذلك بأن يخاطب الإوز بلغتها ويخبرها بوجود بركة صالحة وطعام كثير. و قد يستطيع الإنسان أن يبادل الحيوان لغته ويتفاهم معه، فقد كتب "مورتون طمسون " في "مجلة "The American Mercury أن أخاه لويس الطالب بمدرسة الطيران كان يسمى " لويس الحصان " إذ أنه كان يكلم الخيل ويحادثها، وبدأ بذلك وهو طالب في مدرسة قرية في " سان دييجو " وكان بها خيول غير مروضة، كثيراً ما قضى معها لويس الأوقات الطويلة، يلاعبها ويروضها، ولم يقضي إجازته، بل ولا فسحته إلا إما راكباً أو مصاحباً حصاناً. وكان يراهن التلاميذ على أي حصان يفوز في سباقها.. ولم يحدث أن أخطأ مرة، ولما حاول أخوه أن يهتدي إلى سر ذلك، أجابه أن الخيل تخبرني عن حالتها في الجري، ورأيها في راكبها، وفي المضمار، وكثيراً ما وضع ذلك موضع الاختبار والامتحان، فكان يذهب إلى حلبة الخيل في أي مكان وكلما مر به حصان نظر إليه لويس نظرة متسائلة بصوت معين، فيلتفت الحصان ويلوي عنقه بهزات معينة، وهمهمة خاصة. ثم أخيراً ينطق لويس برقم الحصان الذي سيفوز. قال لأخيه يوماص : الجواد 1 يتمنى أن يربح، ولكنه لا يحب راكبه. أما الجواد 2 فحالته اليوم سيئة، ولن يفوز. أما رقم 3 فهو يتحدى إذ أنه صمم على الفوز.

No comments:

Post a Comment